بسم الله الرحمن الرحيم
حـل المســـابقـة الدينية الكبرى
لمجلة المجاهد لعام 1429 هجرية
-----------------
الحلقة الأولى
أولاً القرآن الكريم :ـ
إجابة السؤال الأول:
أ ـ ثلاثة أسماء سميت بها السورة :ـ سورة المنفكين ، سورة القيمة ، لم يكن .
ب ـ معنى ( منفكين ):ـ اسم فاعل من انفك بمعنى انفصل ، أي منفصلين متفرقين زائلين .
ج ـ المقصود بـ ( من ) في قوله تعالى ( من أهل الكتاب ) :ـ للبيان
د ـ معنى قيمة :ـ أي مستقيمة عادلة غير ذات عوج تبين الحق من الباطل و قيل مطهرة عن الباطل و الكذب و الزور .
هـ ـ المقصود بقوله تعالى ( حنفاء ) :ـ معناه مائلين عن كل الأديان الباطلة إلى الإسلام ، لأنه لا دين صحيح إلا الإسلام .
وـ الصحابي الجليل هو :ـ أُبيّ بن كـعب ، ففي الصحيحين عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب :ـ إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن . قال : آلله سماني لك ؟ قال : الله سماك لي قال : فجعل أبي يبكي . وفي رواية أخرى : إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا . قال : سماني لك ؟ قال : نعم . فبكى } . وفي رواية للبخاري : { وذكرت عند رب العالمين ؟ قال : نعم . فذرفت عيناه .
زـ أهم المقاصد التي اشتملت عليها السورة :ـ توبيخ الذين انحرفوا عن طريق الحق واتبعوا طريق الباطل وأصروا عليه من أنهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم ، والتعجب من تناقض أقوالهم وأحوالهم ، وبيان أن سبب كفرهم لم يكن بسبب جهلهم وإنما كان بسبب جحود هم وعنادهم وحسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم على ما أتاه الله من فضله والتسجيل عليهم بأنهم شر البرية وأن المؤمنين هم خير البرية .
إجابة السؤال الثاني:
1ـ سبب نزول السورة :ـ أخرج البزار وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا ولبث شهرا لا يأتيه منها خبر فنزلت سورة والعاديات ضبحا .
2ـ معنى العاديات :ـ جمع عادية وهو اسم فاعل من العدو ويطلق على المشي السريع والمراد بها الخيل التي تعدو بفرسانها .
3ـ معنى الموريات :ـ جمع مورية وهو اسم فاعل من الإيراء وهو إخراج النار ، والمقصود الخيل حين توري النار فيخرج الشرر نتيجة احتكاك حوافر الخيل بالحجارة .
4ـ معنى المغيرات :ـ جمع مغيرة وهي التي تغير على العدو ، وفعله أغار أي باغته بفعل يؤذي .
5ـ المقصود بالعاديات والموريات والمغيرات :ـ هي الخيول التي يعتلي صهواتها أولئك الأبطال الذين يدافعون عن كرامتهم وأموالهم وعن كل ما يجب الدفاع عنه .
6ـ دلالة القسم بها :ـ أقسم الله بالخيل المستعملة للدفاع عن كل ما يجب الدفاع عنه للتنبيه على فضلها وفضل ربطها من أجل المنافع الدينية والدنيوية ولما يترتب على استعمالها في تلك الأغراض من أجر وغنيمة ومن تخويف لجموع المعتدين .
إجابة السؤال الثالث:
1ـ المقصود بقوله ( كيدهم ) :ـ إرادة وقوع الإضرار بالغير في خفية ، وسعيهم لتخريب الكعبة .
2ـ معنى تضليل :ـ التضييع والإبطال إذا جعلته باطلا ضائعا .
3ـ معنى أبابيل :ـ جمع إبالة وهي حزمة الحطب الكبيرة شبهت بها الجماعة من الطير في تضامنها وتلاصقها .
4ـ معنى سجيل :ـ الطين اليابس المتحجر وقيل هو الديوان الذي كتبت فيه أعمالهم .
5ـ أصحاب الفيل الذين تحدثت عنهم السورة :ـ بنى أبرهة الأشرم الحبشي أمير اليمن كنيسة بصنعاء بأمر من النجاشي ملك الحبشة ، لم ير مثلها في زمانها وأراد أن يمنع الناس عن الحج لبيت الله الحرام ليحجوا إليها ، ثم جمع جيشاً عظيماً قدم به لهدم الكعبة ، فأهلكه الله وأهلك من كان معه من رجال وأفيال .
6ـ العبر والمقاصد التي نستخلصها من السورة :ـ
ــ بينت هذه السورة مظاهر قدرة الله تعالى مما يزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم وثباتا على ثباتهم وما يحمل غيرهم على الاهتداء إلى الحق والإقلاع عن الشرك والجحود لو كانوا يعقلون .
ــ كما تُذكر السورة أهل مكة بفضل الله عليهم حيث منع كيد أعدائهم عنهم وعن بيته الحرام ، وبيان أن لهذا البيت مكانته السامية عند الله وأن من يريد هذا البيت بسوء يقصمه الله ويهلكه .
ــ وتبشر الرسول بأن الله كفيل برعايته وتثبيته ونصره على أعدائه كما نصر أهل مكة على أبرهة وجيشه وأن الله غالب على أمره .
ثانياً الحديث النبوي الشريف :ـ
(1) ورد هذا الحديث في صحيح البخاري بلفظه في كتاب الإيمان باب فضل من إستبرأ لدينه ، وبلفظ آخر في كتاب البيوع باب الحلال بين والحرام بين ، وصحيح مسلم باب المساقاة ، وسنن الترمذي باب البيوع ، وسنن النسائي باب آداب القضاة ، وسنن ابن ماجه باب الفتن ، وسنن الدار مي والبيهقي في باب البيوع .
(2) راوي الحديث هو الصحابي الجليل :ـ النعمان بن بشير ، صحابي هو و أبوه و أمه ، وهو أول مولود ولد للأنصار من المسلمين بعد الهجرة النبوية الشريفة ، وحين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان النعمان بن بشير ابن ثماني سنين وسبعة أشهر كما قيل ، سكن الكوفة ، وكان واليا عليها زمن معاوية ، ثم صار واليا على حمص ، ولما بويع لعبدالله بن الزبير بالخلافة في مكة دعا له في حمص ، فثار عليه أهل حمص انتصارا للأمويين ، وقتلوه سنة أربع وستين للهجرة رضي الله عنه ..
(3) معنى الحلال بين :ـ أي واضح لا اشتباه فيه ، ولا يأثم الإنسان به .
(4) معنى مشبهات :ـ هي أمور ليست بواضحة الحل ولا الحرمة ، فلهذا لا يعرفها كثير من الناس ولا يعلمون حكمها أما العلماء ، فيعرفون حكمها بنص أو قياس أو غير ذلك .
(5) معنى اتقى الشبهات :ـ أي ابتعد وأجتنب وترك الأمور غير واضحة الحل وغير واضحة الحرمة وهي المشبهات .
(6) الأربعة أحاديث العمد التي يقوم عليها الدين :ـ حديث ( ازهد في الدنيا ) وحديث ( إنما الأعمال بالنيات ) وحديث ( دع ما يريبك ) وحديثنا هذا ( الحلال بين والحرام بين ) .
(7) ما يؤخذ من الحديث :ـ قسم النبي صلى الله عليه وسلم الأمور إلى ثلاثة أقسام :ـ
الأول قسم حلال بين واضح لا اشتباه فيه , والثاني قسم حرام بين لا اشتباه فيه , وهذان واضحان ، أما القسم الثالث فهو الأمر المشتبه الذي يشتبه حكمه هل هو من الحلال أم من الحرام ؟ ويخفى حكمه على كثير من الناس .
(
المقاصد التي يرمي إليها الحديث :ـ
ــ أن الشريعة الإسلامية حلالها بين وحرامها بين والمشتبه منها يعلمه بعض الناس .
ــ أنه ينبغي للإنسان إذا اشتبه عليه الأمر ,أحلال هو أم حرام أن يجتنبه حتى يتبين له أنه حلال .
ــ أن الإنسان إذا وقع في الأمور المشتبه هان عليه أن يقع في الأمور الواضحة فإذا مارس الشيء المشتبه فإن نفسه تدعوه إلى أن يفعل الشيء البين وحينئذ يهلك .
ــ حسن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام بضربه للأمثال وتوضيحها .
ــ أن المدار في الصلاح والفساد على القلب وينبني على هذه الفائدة أنه يجب على الإنسان العناية بقلبه دائما وأبدا حتى يستقيم على ما ينبغي أن يكون عليه .
ــ أن فساد الظاهر دليل على فساد الباطن لقول النبي صلى الله عليه وسلم :ـ ( إذا صلحت صلح الجسد كله , وإذا فسدت فسد الجسد كله ) ففساد الظاهر عنوان فساد الباطن .
ــ جواز ضرب المثل من أجل أن يتبين الأمر المعنوي بالضرب الحسي أي أن تشبيه المعقول بالمحسوس ليقرب فهمه .
ثالثاً الفقه الإسلامي :ـ
(1) الأضحية هي :ـ هي ما يُذبح ضحى يوم العيد وأيام التشريق تقرباً إلى الله تعالى .
(2) مشروعية الأضحية :ـ التقرب إلى الله تعالى بها ومخالفة الذين يتقربون للأصنام ، إحياءً لسنّة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ، التوسعة على العيال يوم العيد وإشاعة الرحمة بين الفقراء والمساكين ، شكر الله تعالى على ما سخّر لنا من بهيمة الأنعام ، تطهير النفس من البخل والشح وتعويدها على البذل والتضحية ، صلة الأرحام .
(3) حكم الأضحية :ـ سنة مؤكدة عن أهل كل بيت مسلم قدر أهله عليها ، ويكره تركها مع القدرة عليها .
(4) الأنواع التي يجوز أن يضحى بها :ـ الجذع وهو ما اوفى السنة أو قاربها في الضأن ، وفي غير الضأن من المعز والإبل والبقر لا يجزئ أقل من الثني وهوما أوفى سنة ودخل في الثانية للمـاعـز ، وما أوفى أربع سنوات ودخل في الخامسة للإبــل ، وما أوفى سنتين ودخل في الثالثة للبقــر .
(5) وقت الذبح :ـ يوم العيد من بعد صلاة العيد ، وأيام التشريق ( 11 ، 12 ، 13 من ذي الحجة )
(6) المشاركة في الأضحية :ـ يجوز إذا كانت من الإبل أو البقر ، أما الشاة فلا يجوز الاشتراك فيها ، ويجوز أن يشترك سبعة أشخاص في واحدة من البقر أو الإبل ، وقد ثبت اشتراك الصحابة رضي الله عنهم في الهدي ، السبعة في بعير أو بقرة في الحج والعمرة ، روى الإمام مسلم (1318) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وفي رواية : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ .
الحلقة الثانية
أولاً القرآن الكريم :ـ
إجابة السؤال الاول:
أـ هذه السورة الكريمة من السور المكية الخالصة عند جمهور المفسرين .
ــ أهم ما اشتملت عليه السورة من معانٍ :ـ
قال الإمام الشافعي أنه لو لم ينزل من القرآن سوى هذه السورة لكفت الناس ، فقد بينت السورة من هم أهل الخسران ومن هم أهل السعادة كما بينت أربعة أمور (1) العلم وهو معرفة الحق، وهو الذي دل عليه قوله جل وعلا : ( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا ) فالمؤمن يعلم أن الله حق، وأن وعده حق، وأن رسوله حق، وأن لقاءه حق، وأن الملائكة حق، وأن النبيين حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، (2) ثم يعمل بذلك وقد دل عليه قوله سبحانه وتعالى : ( وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) (3) ثم يدعو الناس إلى ذلك ( وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ) ، (4) ويصبروا على العلم والعمل والتعليم ( وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) ، فهذه أربعة أشياء إذا كملها الإنسان يكون مكملا لنفسه ، ومكملاً لغيره
ــ المقصود بـ ( العصر ) :ـ للعلماء أقوال متعددة فيه فمنهم من يرى أنه الدهر كله لما فيه من العبر والعظات التي تدل على عظيم قدرة الله ولما فيه من الأحداث التي يراها الناس بأعينهم ويعرفونها ، ومنهم من يرى أنه وقت صلاة العصر ومنهم من يرى أنه عصر النبوة أي الأزمنة والسنوات التي عاشها الرسول لأفضليتها بالنسبة لمن سبقها من أوقات وعصور ، وقد رجح الإمام بن جرير القول الأول الذي يرى أصحابه إن المقصود بالعصر الدهر كله .
ــ دلالة قسم الله تعالى بالعصر :ـ أقسم الله به لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها .
ب ـ أهم ما اشتملت عليه السورة من مقاصد :ـ
ــ الوعيد الشديد والتحذير العظيم من الانقياد للهوى والشهوات.
ــ حث المؤمن على مواصلة الصبر على ما أصابه من بلاء وأن يوصي غيره بذلك فإن الصبر ضياء .
ــ حَكَمَ الله سبحانه وتعالى بالخسارة على جميع الناس إلا من كان متصفاً بهذه المناقب الأربعة وهي الإيمان العميق والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر .
ــ الدعوة للتحلي بالإيمان الصادق والعقيدة السليمة ومواصلة العمل الصالح الذي هو ثمرة الإيمان الصحيح .
ــ حث المؤمن على أن يدعو غيره إلى التمسك بالحق والصدق والإخلاص .
إجابة السؤال الثاني:
أـ معنى القارعة :ـ اسم فاعل من القرع وهو الضرب بشدة بحيث يحدث منه صوت شديد ، والمراد هنا القيامة ومبدؤها النفخة الأولى ، ونهايتها إفضاء الله تعالى بين خلقه بحكمه العادل وجزائه لكل فريق بما يستحقه من جنه أو نار .
ــ معنى المبثوث :ـ المنتشر المتفرق في أماكن متعددة .
ــ معنى العهن :ـ هو الصوف ذي الألوان المتعددة ( حيث تكون الجبال يوم القيامة كالصوف الخفيف الذي ينثر ويتفرق ) .
ــ المقصود بالاستفهام في قوله تعالى (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ) :ـ للتهويل وللتعظيم من أمرها وللتفظيع من حالها وللتنبيه لما يكون فيها من شدائد تفزع لها القلوب ، وأهوال لا يعلم مقدارها إلا الله .
ب ـ شرح السورة مع بيان أهم ما اشتملت عليه من مقاصد :ـ
ــ سورة القارعة من السورة المكيّة والتي تتمحور كما باقي سور الجزء الثلاثين حول أهوال يوم القيامة وشدائدها وما فيها من أحداث عظام حيث يهيم الناس على غير نظام من شدة حيرتهم وفزعهم وذهولهم للموقف الذي هم فيه .
ــ وقد اشتملت على أقوى الأساليب وأبلغها في التحذير من أهوال يوم القيامة ، والحض على الاستعداد له بالإيمان والعمل الصالح ، فقد ابتدأت بلفظ القارعة المؤذِن بأمر عظيم ، ثم ثنت بالاستفهام المستعمل في التهويل ، ثم أعادت اللفظ بذاته زيادة في تعظيم أمره .
ــ ثم شبهت الناس في ذلك اليوم بالحشرات المنتشرة المتفرقة المضطربة وهو تشبيه تقشعر منه الأبدان ، ثم وصفت الجبال الراسخة المعروفة بصلابتها بالصوف الخفيف المنثور المتفرق .
ــ ثم توضح جزاء السعداء من عباده المؤمنين الطائعين ( فأما من ثقلت موازينه* فهو في عيشة راضية ) حيث يكون مصيرهم الجنة يتنعمون فيها ، راضين بالعيشة الكريمة الهنية فيها .
ــ توضيح جزاء الأشقياء الكافرين العصاة المكذبين ( وأما من خفت موازينه* فأمه هاوية ) حيث يكون مصيرهم نار جهنم
ــ وقد سمي الله تعالى النار أم ( فأمه هاوية ) لأن الأم عادة هي مأوى ولدها ومَفزَعِه ، ونار جهنم في الآخرة تؤوي هؤلاء الكفرة المكذبين وتضمهم كما يأوي الأولاد إلى أمهم فتضمهم . وهاوية اسم من أسماء النار وسميّت هكذا لبعد قعرها فيهوي الكفار في نارها السحيقة كما قيل سبعون خريفا أعاذنا الله منها.