الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة ونوارا وهدى للعالمين ـ أما بعد
فختان الإناث أصبح فى هذا العصر مسألة حساسة نظرا لتضارب الآراء حولها فما بين مؤيد ومعارض ولذا فإننا نحاول مستعينين بالله تبارك وتعالى أن نبين حقيقة المسألة كما ينبغى البيان وذلك على النحو التالى:ـ
ما هو ختان الإناث؟
ختان الإناث هو قطع جزء يسير من نواة المرأة (البذر) ([1])
وما حكمه الشرعى
اختلفت الآراء فى تلك المسألة على عدة أقوال وبيان ذلك فيما يلي:
الرأى الأول وهو للشافعية والحنابلة وذهب إلى القول بوجوبه فى حق النساء والواجب كما عرفه العلماء هو ما يثاب الإنسان على فعله ويعاقب على تركه
الرأى الثانى وهو للحنفية والمالكية وذهب الى القول باستحباب الختان فى حق النساء والمستحب كما عرفه العلماء هو ما يثاب الإنسان على فعله ولا يعاقب على تركه
وهل هناك دليل على تحريمه؟
لم يقم هناك دليل على القول بتحريم الختان للإناث لا فى كتاب الله ولا فى سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الثابت شرعا والمتفق عليه بين الفقهاء أن التحريم لا يكون إلا بنص وحيث انعدم النص يمنع القول بالتحريم لأن أقوال الفقهاء عليهم رحمة الله ترددت بين الوجوب وبين الاستحباب
وهل وجد الختان فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم؟
نعم وجد الختان فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم ولم ينكره ولم يمنعه إنما أرشد إلى الحذر فى تلك المسألة بالا يبالغ فى القدر المقطوع من المرأة حتى لا يعود ذلك عليها بالضرر
إذا فقد أقره عليه وسلم وإنما الذى لم يقره هو المبالغة فى القطع
الدليل على ذلك
قوله عليه السلام لأم عطية والتى كانت تقوم على الختان وقتها إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي فإنه أسرح للوجه وأحظى عند الزوج
وجه الدلالة
1- أمر صلى الله عليه وسلم بعد المبالغة فى القطع وهو المراد من قوله عليه السلام أشمى ويعنى بذلك القطع اليسير
2- كما بين عليه السلام أن الإقلال فى القطع وعدم المبالغة فيه أنفع للمرأة لأن فيه نضارة لوجهها وانفع أيضا لزوجها ([2])
وهل هذا الحديث ضعيف؟
نعم هذا الحديث ضعيف حسبما بينه أهل الحديث جزآهم الله خير خيرا ولكن نود التأكيد على عدة نقاط هامة جدا
1- أن الذين ذهبوا إلى القول بسنية أو بوجوب الختان هم علماء أجلاء نحسبهم على خير ولا نزكى على الله أحدا ومن المؤكد سبق علمهم بضعف هذا الحديث ومع ذلك استدلوا به وذلك لأن ليس كل الضعيف متروك العمل به شرعا
2- أنه يجوز العمل بالحديث الضعيف إذا كانت له شواهد تؤيده وتدعمه وهذا بالضبط ما فعله الفقهاء حينما تناولوا تلك المسألة
بمعنى أن هناك احاديثا أخرى تؤيد ما ذهب إليه العلماء وعلى سبيل المثال
قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا جَلَسَ بين شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ([3])
وجه الدلالة
أن النبى صلى الله عليه وسلم فى تناوله لقضية الاغتسال جعل من أسبابه العلاقة الزوجية فعبر بقوله عليه السلام ومس الختان الختان أى ختان الرجل وختان المرأة ولو كان الرجل وحده الذى يختتن لما عبر عليه السلام بنفس اللفظ عن المرأة أيضا
ومن ثم فهذا الحديث صحيح ولم يقل أهل الحديث بضعفه وعليه فتقوم به الحجة
وبما يجاب على من يقول أنه تغير خلق الله؟
هؤلاء لم يفهموا معنى تلك العبارة حتى يتلفظوا بها على تلك الهيئة ذلك لأن تغير خلق الله يتعلق بالتدخل لتعديل هيئة فى البدن ليست بحاجة إلى تعديل كمن يقوم مثلا بتصغير أنفه وهى ليست بحاجة إلى ذلك ومن يقوم بتغير لون العينين مثلا وهكذا
لكن أقول لهؤلاء قلتم بأن ختان الإناث تغير لخلق الله فلما لم تقولوا ذلك على ختان الذكور أيضا وما هو الحال لو أن إنسان أصيب فى حادث وأراد الأطباء أن يقوموا بإجراء عملية تجميل له مثلا لعلاج آثار الحادث وقتها ستقولون بأن ذلك ضرورة وقتها سيجاب عليكم بأن ختان الإناث أيضا ضرورة وبوسعكم أن تسألوا المنصفات من النساء هل وقعت عليهم مقشات من جراء عدم إجراء الختان بالنسبة لهن وقتها تفجعوا حين سماع الإجابة منهن
بما أن أراء العلماء قد اختلف فى تلك المسألة فاى منها الراجح؟
جمعا بين تلك الآراء نقول:
تعرض الفتاة على طبيبة مسلمة مشهود لها بالكفاءة والعدل والصلاح لتفحص الفتاة فحصا جيدا فإذا وجدت أن هذا القدر زائد عن الحد أجرت لها العملية وفق ما تناولنه فى حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السابق
وإن لم تجدها فى حاجة إليها فلا تجرى لها العملية لأن الحكمة من الإبقاء على هذا الجزء هو المحافظة عليه بشكل معين وبقدر معين فإن كانت البنت بطبيعتها لا تحتاج إلى تدخل فلا تجرى لها العملية
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ لسان العرب جـ 7 صـ 145
[2] ـ كنز العمال جـ 16 صـ 181
[3] ـ صحيح مسلم جـ 1 ص
أسأل الله ان ينفعكم به
الإثنين سبتمبر 24, 2007 9:47 am