السلام عليكم
واليوم مع قصة صاحب الجنتين ....
وهي اخر قصة في سورة الكهف حيث اشتملت سوره الكهف على أربع سور وهذه هي السورة الرابعة ..
اليكم القصة :
منح الله أحد الرجال مالاً وفيراً و أرضاً شاسعة تَّجود بالخيرات , و كان لهذا الرجل ولدان تختلف طباعُهما , و تتباين آراؤهما , فالآْول كريم يحب الفقراء والمساكين , ويساعدهم كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً .
والثاني متعال لا يساعد فقيراً او محتاجاً , ويسخر من إقبال أخيه على المساكين والفقراء .
شبّ الولدان , وبلغا مبلغ الرجال وهما إلى جانب أبيهما يُساعدنه في إدارة الأعمال وجني الأرباح التى كانت تُغلها الأرض وغيرها من أملاك أبيهما , وتمر الأيام , وتتوالى السنين , فتزداد ثروة الأب , وتصبح الأرض بساتين .
تجود بكل أنواع الثمار والخيرات , ويتقدم العمر بالاْب , ثم يمرض ويموت مخلفاً لهذين الأخوين كل ما جناه في حياته الطويلة , فيتقاسمان الميراث , ويستقل كل واحد عن الآخر , وينفرد بتدبير أمره .
ولم يكن بد من أن يترك اختلافهما في الطباع والآراء آثاراً واضحة قوية في تصرفات كل منهما , فقد كان الأول يشعر بما يشعر به الفقير والمعدوم , أما الثاني فكان في كل يوم تٌشرق عليه الشمس يَشتدّ حرصاً على المال وطمعاً في زيادته .
أخذ الأول نصيبه من مال أبيه , فراح يبحث عن الفقراء والمساكين ليعطيهم مما أعطاه الله أن الله أعطاه هذا المال ليمتحنه فيه و يختبره , وعلى هذا النحو الذي ليس فيه تكلف أو تظاهر مضى هذا الأخ في سيرته يُعينُ المحتاج , ويعطي المحروم ويفك الأسير حتى لم يبق له من أمواله إلآ ما يسدّ حاجاته وحاجات أهل بيته .
أما أخوه فقد كان مُسرفاً في حب المال , والسعي وراء تكديسه , يسمع أنّات المحرومين و أصوات الجائعين و المحتاجين فيتجاهلهما , ولا يحفل بها , فتكدست الأموال , وهو بها فرح , وازداد بطراً وتكبراً على الناس .
وكي يأخذه البطر والغرور بما هو فيه , انهالت عليه الأموال , فكدسها في خزائنه , ورزق اولاداً كثيرين زادوه غروراً و تكبراً , وماكان هذا النعيم الذي غرق فيه ليغير شيئاً من طباعه , كانت معظم أموال هذا الأخ وثروته ,
تتدفق عليه من بساتين عظيمين , ومن بساتين الكروم , وقد جاد البستانان وما فيهما من زرع بكل أنواع الثمر و الفواكه
{{ واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخيل وجعلنا بينهما زرعاً * كلتا الجنتين آتت أُكلها ولم تظلم منه شيئاً وفجرنا خلاهما نهراً }}
أراد هذا الأخ المتكبر أن يسخر من أخيه , فأخذه من يده , وأدخله إلى بستانه الذي ينصفه النهر , ونفسه تُنكر أن تبيد جنته لطول أمله وتمادي غفلته , فيقينه بالله مزعزع غير راسخ , وقال لأخيه إن هذه الجنة لن تهلك ولن تفنى ولن تتلف .
{{ ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن الساعة قائمة و لئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً }}
سمع أخوه المؤمن هذا الكلام , فوعظه : وقال له الله خلقك من نطفة وعدلك وكملك إنساناً ذكراً بالغاً مبلغ الرجال
{{ قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلاً }}
فإذا كنت كافراً بالله فإنني مؤمن موحد .
{{ لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحداً }}
و لأنك كفرت بنعمة الله , ولم تشكرها , التي اعتقدت أنها لا تبيد و لا تفنى , قادر على أن يذهب ماء جنتك , ويجعله غائراً في الأرض فيفنى بستناك .
{{ ولو لا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لاقوة إلا بالله إن ترنٍ أنا أقل منك مالاً وولداً , فعسى ربى أن يؤتيني خيراً من جنتك ويرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيدا زلقاً , أو يصبح ماؤها غوراً فلن نستطيع له طلباً }}
أسرف هذا الأخ في البخل وازدراء نعمة الله , وأسرف في إيثار نفسه و أولاده على كل شئ , وهذه الجنة التى كانت مّضربّ المثل في عظمتها و ازدهارها , هذه الجنة التى حرم الفراء والمحتاجون من خيراتها ومالها , قد خوت من على عروشها محطمة مهشمة , وأصاب الهلاك كل ثمرها فلم يسلم منها شئ , وراح صاحبها يضرب إحدى كفيه على الأخرى ندماً وتحسراً على الأموال التى أنفقها عليها , وتذكر نصح أخيه .
{{ و أحيط بثمره فأصبح يُقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحداً , ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وماكان منتصراً , هنالك الولاية لله الحق هو خيرّ ثواباً وخير عقبا }}
صدق الله العظيم
مع أطيب وأروع تحية لمتابعين القصص