الغزوات والفتوحات الإسلامية
انتشار الإسلام
يقول المؤرخ العالمي جيبون في حديثه عن قصة البشارة المؤكدة لمجيء محمد بن عبد الله (ص) رسول الإسلام في التوراة والإنجيل من أن ثمة نبيا سيأتي كما تقول البشارة المقدسة التي عرفت بوعد الروح القدس. ففرح بها موسى وعيسى. وهذه البشارة كما يقول: قد تحققت في شخص محمد (ص) نبي الإسلام وأعظم الرسل وخاتمهم. أتى بالإسلام كدعوة عالمية لكل البشر. لهذا كان المسلمون الأوائل منذ أيام حياة النبي (ص) ينشرونه ويحملون لواءه. ففي حياته (570 – 632 م) كانت محاولات نشره في تخوم الإمبراطورية البيزنطية بإقليم الشام عن طريق الدعاة بين القبائل العربية المتاخمة لبلاد الشام.
وبعد عشر سنوات من وفاة الرسول (ص) فتح المسلمون بلاد الروم البيزنطيين والفرس الساسانيين. ففتحوا الشام ومصر والعراق وفارس. بعدها إزدهرت الحضارة الإسلامية في الدول التي دانت بالإسلام ودالت له طواعية تحت ظلال الخلافة الراشدة والأموية والعباسية. و لقد ظلت الخلافة الراشدة ثلاثين عاما (632 – 661 م). وكان الخليفة عمر أول من أقيمت المدن الإسلامية في عهده كالكوفة والبصرة بالعراق والفسطاط بمصر. وظلت المدينة المنورة عاصمة الخلافة حتى نقلها الخليفة الرابع علي بن أبي طالب للكوفة, بسبب القلاقل التي نشبت في عهد عثمان بن عفان وأدت لاستشهاده. وبعد استشهاد سيدنا علي بن ابي طالب تأسست الدولة الأموية (661 - 750 م) بدمشق وحكمت حوالي قرن. وكانت تمتد من غربي الصين إلى جنوب فرنسا حيث كانت الفتوحات الإسلامية وقتها تمتد من شمال أفريقيا إلى إسبانيا وجنوب فرنسا بغرب أوروبا, وبالسند في وسط آسيا وفيما وراء نهري جيحون وسيحون. واقيمت المؤسسات الإسلامية والمساجد والمكتبات هناك.
و كان الأمويون بدمشق قد حاولوا فتح القسطنطينية عام 717 م. وإبان حكمهم فتحوا شمال أفريقيا. وكان أول نزول لقوات الفتح الإسلامي بأرض الأندلس بشبه جزيرة إيبريا (أسبانيا والبرتغال). فكان أول انتصار للمسلمين هناك عام 29 هجرية (711 م) في معركة وادي البرباط, لتبدأ مسيرة الفتوحات الإسلامية بغرب أوروبا بفرنسا وايطاليا وسويسرا. وخضعت روما للحكم الإسلامي فعلا منذ عام 809 م. ولولا أن البابا ليو الثاني قد أقر بدفع الجزية وبإنتظام لمدة عشرين عاما لأصبح الآذان يرتفع من فوق أبراج الفاتيكان الآن. فلقد بلغ الفتح الإسلامي برنديزي والبندقية بإيطاليا علي بحرالأدرياتيك. مما جعله مع البحر الأبيض المتوسط بحيرتين إسلاميتين تموج فيهما الأساطيل الإسلامية. وخضعت كل جزر البحر الأبيض المتوسط من كريت شرقا حتى كورسيكا غربا للحكم الإسلامي.
وكانت الخلافة الأموية الثانية بالأندلس 756 – 1031 م عاصمتها قرطبة التي شيدها الأمويون. وكانت أكبر مدينة في أوروبا. حكمت الأندلس زهاء قرنين. وكانت هذه الخلافة منارة للحضارة في الغرب حتى قسمها الطوائف والبربر والموحدون لدويلات أدت لسقوط الحكم الإسلامي تماما. ولاسيما بعد سقوط مملكة غرناطة آخر معاقل المسلمين عام 1492 م علي يد الملك فريناندو والملكة إيزابيلا. و عندما كانت الحضارة الأندلسية في عنفوانها, كانت موقعة بواتييه قرب تولوز بوسط فرنسا قدأوقفت المد الإسلامي الكاسح لشمالها. حيث إنتصر الفرنجة على عبد الرحمن الغافقي عام 114 هجرية (732 م) عندما إستشهد بها في معركة بلاط الشهداء. ويعلق المؤرخ الشهير جيبون على معركة بواتييه قائلا: لو كان العرب قد إنتصروا في بواتييه لأصبحت المساجد في باريس ولندن بدلا من الكاتدرائيات حاليا. ولكان القرآن يتلي في جامعة إكسفورد وبقية الجامعات هناك. ويعلق ديورانت عليها قائلا: لو إنتصر العرب في هذه المعركة الكبرى لأصبحت أوروبا الآن جزءا من العالم الإسلامي. لكنهم رغم هذه الهزيمة, واصلوا فتوحاتهم حتي أصبحت تولوز وليون ونهر اللوار تحت السيادة الإسلامية. وكان الفاتحون قد بلغوا نهر السين وبوردو وجنوب إيطاليا (أطلقوا عليه البر الطويل) حتي بلغوا في فتوحاتهم سويسرا، وأقاموا هناك ممالك إسلامية. وحرّروا الشعوب من العبودية والإقطاع. وظلوا قرنين يحكمون هذه المناطق. ولم يوقف الزحف الإسلامي بأوربا سوي جبال الألب. ولو إستطاع الفاتحون تخطيتها لعم الإسلام شمال أوربا. وللتاريخ كانت الخلافة العباسية(750 - 1258 م) ببغداد تتآمر ضد الأمويين بالأندلس بتحالفها مع شارلمان ملك الفرنجة. وهذا سبب ثان لتوقف الفتوحات الإسلامية بغرب أوروبا. وما بين سنتي 910 و1171 م كان ظهور السلاجقة في المشرق والفاطميّون بالقاهرة والأيوبيّين والمماليك في مصروالشام. وكانت الحملات الصليبية علي الشام وفلسطين ومصر والإستيلاء علي القدس. وفي عام1187 م استعاد صلاح الدين بيت المقدس من الصليبيين.
وكان إحراق المغول التتار لبغداد عام 1258 م بعدما كانت عاصمة الخلافة العباسية خمسة قرون. بعدها رجعوا لديارهم وكانوا وثنيين. لكنهم أسلموا عند عودتهم. فكانوا للإسلام داعين ومبشرين له بين قبائلهم. وأقاموا تحت ظلاله الإمبراطوريات والممالك الإسلامية بأفغانستان وباكستان وشبه القارة الهندية وبالملتان والبنغال وآسيا الوسطي وأذربيجان والقوقاز والشيشان وفارس وغيرها من بلدان المشرق الإسلامي. حيث أقاموا الحضارة الإسلامية المغولية والتركية التي مازال أوابدها ماثلة حتي اليوم. وكان تيمورلنك حفيد هولاكو قد أقام الإمبراطورية التيمورية عام(1379 - 1401 م) وكانت العاصمة سمرقند بوسط آسيا. وقد حكم إيران والعراق والشام وحتى الهند. وكانت وقتها طرق القوافل التجارية العالمية تحت سيطرة المسلمين. سواء طريق الحرير الشهير أو تجارة المحيط الهندي بين الشرق الأقصى وشرق أفريقيا. و كان السقوط الأخير للقسطنطينية(عام 1453 م), عاصمةالإمبراطورية البيزنطية(الروم). وكان هذا السقوط علي يد محمد الفاتح العثماني. وأطلق عليها إسلام بول (إستانبول) بعدما جعلها عاصمة للخلافة العثمانية (الإمبراطورية العثمانية) (1350 - 1924 م). وكان لسقوط القسطنطينية صداه في العالم الإسلامي كله حيث أقيمت الزينات بالقاهرة والشام وشمال أفريقيا لأن هذا النصر كان نهاية للكنيسة الشرقية ولاسيما بعد تحويل مقرها إلي جامع أيا صوفيا. وهذا الإنتصار كان بداية الرد الإسلامي علي البابوية بالفاتيكان في أعقاب الحملات الصليبية التي شنتها علي فلسطين والشام و داهمت فيها المشرق العربي وذبحت أكثر من مليون مسلم و نصراني في فلسطين وبيت المقدس. وكان الفتح العثماني ردا علي الحرب الإستردادية بالأندلس. حيث كان التنصير القسري للمسلمين وإحراقهم هناك. فبينما كان الهلال ينحسر من الأندلس بغرب أوربا كان يزحف لأول مرة في التاريخ فوق شرق أوربا عندما اجتاحه العثمانيون بما فيه رومانيا والصرب والبوسنة والهرسك واليونان والمجر. حتى بلغوا أبواب فيينا بالنمسا. وحشد البابا في الفاتيكان قوات أوروبا لوقف هذا الزحف الإسلامي الكاسح. ولولا توقف العثمانيين عند أبواب فيينا بمؤامرة من الدولة الصفوية بإيران, لأصبح الآذان يؤذن من فوق أبراج كاتدرائية القديس بطرس كما يقول المعلقون. ومن بعدها كان خبز الكرواسون ومعناه الصليب يصنع على هيئة الهلال ليأكله الأوربيون في أعيادهم.
والإسلام دخل شرقا وغربا وجنوبا وشمالا عن طريق التجار والقوافل التجارية العربية عبر آسيا الوسطى وشمال وشرق ووسط وجنوب وغرب أفريقيا عن طريق الطرق الصوفية في أواسط آسيا وجنوب الصين وإندونيسيا وأفريقيا. وعن طريق الرحلات البحرية التجارية دخل الإسلام الصين وسيلان وبروناي وجزر الفلبين وإندونيسيا وماليزيا ومدغشقر وزنجبار. وللتاريخ كان إحتلال العثمانيين للشام ومصر والعراق والحجاز وليبيا واليمن وتونس لحماية هذه الكيانات الإسلامية السنية من الأخطار التي كانت محدقة ومتربصة بها. فسواحل مصر والشام وشمال أفريقيا كانت مهددة بالأساطيل الفرنسية والأسبانية التي أتت تُغير عليها. كما أرادت السلطنة العثمانية حماية الشام ومصر من خطر البرتغاليين المسيحيين بالبحر الأحمر والخليج العربي. وكانت إثيوبيا تعاون البرتغاليين لهذا السبب. و قد نزلوا عام 1496 م جدّة بالحجاز لينهبوا الأماكن المقدسة بمكة والمدينة وينقلوا رفات الرسول للبرتغال لتكون زيارة قبره صلى الله عليه وسلم نظير إتاوات. مما دفع المصريين أن يهاجموا الأسطول البرتغالي في معركة ديو الشهيرة قرب سواحل غرب شبه القارة الهندية. وكانت السلطنة المملوكية بمصر والشام تتآمر ضد السلطان سليم مع الدولة الصفوية الشيعية بفارس. مما جعل سليم الأول يتحرك وينسحب بجيوشه من النمسا لإنقاذ هذه الكتلة السنية بما فيها مصر والشام والحجاز من الخطر الشيعي الصفوي بإيران والبرتغالي بالبحر الأحمر والمحيط الهندي. ولم يتعاون السلطان الغوري بمصر معه لإنقاذ المسلمين السنة من مذابح الصفويين في فارس والقوقاز وأذربيجان. فأسقط حكم الصفويين واستولى على العاصمة تبريز. ولو كان الغوري قد أظهر مرونة لما إحتل سليم مصر ولا الشام ولا أسقط سلطنته المملوكية عام 1517 م.
فالإسلام حكم الأندلس 7 قرون. وحكم الهند 10 قرون حتي مجيء الإستعمار البريطاني. وفي ظلال الحكم الإسلامي ظهرت مدن تاريخية كالكوفة والبصرة وبغداد والقاهرة والفسطاط والعسكر والقطائع والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائر ودلهي وقرطلة وغيرها. كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كإستانبول بمساجدها والقاهرة بعمائرها الإسلامية وبخاري وسمرقند ودلهي وحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وإشبيلية ومرسية وسراييفووأصفهان وتبريز ونيقيا وغيرها من المدن الإسلامية. وفي القارة الأفريقية نجد أن 85% من سكانها مسلمون. وفي العالم نجد المسلمين يشكلون حاليا خمس سكان أهل الأرض.
أهم المعارك و الغزوات و الفتوحات الاسلامية
وقعة بدر الكبرى:و كانت بين المسلمين والمشركين في 17 رمضان من الســـنة الثانية للهجرة .
غزوة أحد: و كانت بين المسلمين والمشركين في 15 شوال من الســـنة الثالثة للهجرة .
غزوة الخندق (الأحزاب) : و كانت بين المسلمين والمشركين وأنصارهم من اليهود في السنة الخامسة للهجرة .
غزوة بني المصطلق من خزاعة: و كانت بين المسلمين والمشركين في الســنة السادسة للهجرة
صلح الحديبية : و كانت بين المسلمين والمشركين في الســنة السادسة للهجرة
غزوة مؤتة : و كانت بين المسلمين والروم في الســنة الثامنة للهجرة
فتح مكة : خرج الرسول من المدينة في 10 رمضان ودخل مكة في 20 منه في السنة الثامنة من الهجرة
غزوة تبوك: و كانت آخر غزوة لنبي صلى الله عليه وسلم بين المسلمين والروم في السنة التاسعة من الهجرة .
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم : و كان في يوم الاثنين 12 ربيع الأول من السنة الحادية عشر للهجرة
فتح الحيرة : و كان على يد قائد المسلمين خالد بن الوليد في السنة الثانية عشر للهجرة
فتح الأنبار : و كانت بين المسلمين والفرس بقيادة خالد بن الوليد في السنة الثانية عشر للهجرة
فتح دومة الجندل على يد قائد المسلمين خالد بن الوليد في السنة الثانية عشر للهجرة
وقعة اليرموك: و كانت بين المسلمين والروم في السنة الثالثة عشر للهجرة
فتح دمشق: و كان بعد انهزام الروم في وقعة اليرموك في السنة الرابعة عشر للهجرة
موقعة القادسية: و كانت بين المسلمين والفرس وبدأت في 15 شعبان من السنة الرابعة عشر ،و كان قائد المسلمين سعد بن أبي وقاص.
:وفتح حمص وبعلبك كانت بين المسلمين والروم و كان قائد المسلمين أبو عبيدة عامر بن الجراح في السنة الخامس عشر للهجرة
فتح بيت المقدس (إيليا) : وقد تم الصلح بحضور عمر بن الخطاب في السنة السادسة عشر للهجرة
فتح المدائن : وفيها ايوان كسرى في السنة السادسة عشر للهجرة
فتح مصر : على يد قائد المسلمين عمر بن العاص في السنة العشرون من الهجرة
وقعة نهاوند : و كانت بين المسلمين والفرس وقائد المسلمين النعمان بن مقرن في السنة الحادية و العشرون من الهجرة .
فتح طرابلس: الغرب حيث حاصرها عمرو بن العاص شهراً ثم فتحت في السنة الثانية و العشرون من الهجرة
فتح خراسان : و كان المسلمون بقيادة الأحنف بن قيس في السنة الثانية و العشرون من الهجرة .
فتح سجستان: و كان المسلمون بقيادة عاصم بن عمرو في السنة الثالثة و العشرون من الهجرة .
غزوة الأندلس : و كانت بقيادة عبدالله بن نافع ن الحصين وعبدالله بن نافع بن عبد القيس في السنة السابعة و العشرون من الهجرة .
غزوة ذات الصواري : معركة بحرية بين المسلمين والروم، و كان قائد المسلمين عبدالله بن سعد بن أبي السرح في السنة الحادية و الثلانون من الهجرة .
غزوة السند : بقيادة المهلب بن أبي صفرة في السنة الرابعة و الاربعون من الهجرة
غزوة القسطنطينية : بقيادة سفيان بن عوف في عهد معاوية في السنة التاسعة و الاربعون من الهجرة
غزو ما وراء النهر : بقيادة المهلب بن أبي صفرة في السنة الثمانون من الهجرة
غزو مسلمة بن عبد الملك أراض الروم : وقيل أن الذي قام بالغزو هشام بن عبد الملك في السنة السابعة و الثمانون من الهجرة .
فتح قتيبة بخارى : في السنة التسعون من الهجرة
فتح طارق بن زياد الأندلس : في السنة الثانية و التسعون من الهجرة
فتح قتيبة بن مسلم سمرقند : في السنة الثالثة و التسعون من الهجرة
غزو قتيبة بن مسلم الصين : في السنة الخامسة و التسعون من الهجرة
حصار مسلمة بن عبدالملك القسطنطينية : حتى افتتحها في السنة الثامنة و التسعون من الهجرة
فتح المعتصم عمورية : وقيل كان ذلك سنة أربع وعشرين ومائتين من الهجرة
وفيما يلي بأذن الله تعالى قصص وتفاصيل اشهر الغزوات في تاريخ الاسلام
يتبع